كثر هم من ينظرون من المنظور المتشائم للأحداث وحجتهم في ذلك القراءة المباشرة للمجريات على الأرض وتداعياتها الآنية وتقلباتها وهي مسألة سهلة القراءة للعوام ولمن يحملون شيئا من الثقافة في أحسن الأحوال أو لأولئك الذين هالهم ما ألم بشعبنا وقضيتنا وتفاصيل العذاب اليومية في ظل حرب الإبادة المستعرة منذ ما يزيد على عشرة شهور وفي ظل إرادة أمريكية مجرمة تعطي كل الدعم بشتى الأشكال وتعطي الوقت لمزيد من الإيغال في دمنا ،لقد ألقت اسرائيل دولة الإبادة والاحتلال بثقلها السياسي والعسكري والإجرامي تجاه قطاع غزة لكسر الشعب الفلسطيني لعقود طويلة ، وأعانها على ذلك حكومات عربية متآمرة وشعوب عربية متخاذلة ، وواقع فلسطيني مهترء ، لكن المقاومة حين اتخذت قرار السابع من أكتوبر حتى وإن لم تخطط لما يصير الآن وخرجت الأمور عن نطاق توقعها ، دفعت وما زالت أثمانا باهظة من رأس هرمها حتى قاعدتها وخسرت أنفساً ودماءً عظيمة من حاضنتها الشعبية ، إن هذا الثمن غال بل وغال جدا لأننا ندفعه وحدنا في غزة في ظل تآخر الفلسطيني في كل أماكن تواجده عن واجبه بالمقاومة ولو توزع الثمن على كل جغرافيا التواجد الفلسطيني لكانت قدرتنا على تحمله مئة ضعفها اليوم ، لكن هذا الثمن الغالي والباهظ حدا يقابله كسر إرادة المحتل مرة واحدة حتى ينجلي عن أرضنا ويوقن أنه لن يتمكن من كسرنا ، فإن كسرناه هذه المرة سياسيا فقد كسرناه استراتيجيا لذلك تعمل المقاومة على تدفيع المحتل الأثمان لوجوده على أرض غزة ، ومما يطمئن أن المقاومة اليوم رغم كل ما تلقته من ضربات موجعة على صعيد العدة والعتاد إلا أنها أقوى تسليحا وتكتيكا وإدارة مما كانت عليه في انتفاضة الأقصى التي أدت لاندحار العدو من غزة ، والخلاصة صحيح أننا عشنا السنوات الماضية في رفاهية نسبية مقارنة بما قبل ٢٠٠٥ رغم الخصار والحروب ولذلك لم نعتد طول مدة هذه الحرب بنكهة الاحتلال ، ونخاف من المستقبل ونخشاه لأننا نسينا أن الاحتلال كان يقسم جغرافيا غزة ويقتحم كل أحيائها بيسر وسهولة وما كان يجد سوى مقاومة بدائية ، أسوء ما يمكن أن يصير إليه الواقع الغزي هو اصرار الاحتلال على البقاء في غزة وهو سيناريو وضع منذ أشهر على طاولة المقاومة التي تتعافى قدراتها الإدارية والعسكرية وفق تكيفها مع طبيعة الصراع الجديدة هذه المقاومة التي تمتلك القدرة حين تصل إلى نقطة محددة من نقاط التعافي التي تصير وفق الملاحظ بخطى ثابتة إلى دفع الاحتلال للهروب خارج غزة دون حتى الاعتماد على أي ورقة أخرى ( ورقة الأسرى أو ضغط المحور ) وهذا لن يأخذ سنوات كما كان في انتفاضة الأقصى بل شهوراً معدودة بل أقل ، لكن الذي بنبغي أن يتطور بموازة تكيف المقاومة مع الواقع الجديد هو تطور وتكيف الواقع الخدمي والإداري والإغاثي بكل طريقة بمواجهة مخططات المحتل لإيجاد بدائل غير وطنية لإدارة الحياة في غزة ، وواجب كل واحد منا أن يعيد إنتاج ذاته وإعادة تأهيل حياته لتتوائم مع واقع الحرب ، ومعا نعيد عجلة الانتاج وفق المتاح ، أما عن المطلوب من المساندين والداعمين أن يعجلوا من تبني القضايا العاجلة في الإغاثة وتبني عائلات الشهداء والجرحى والأرامل والأيتام وفق خطة طويلة الأمد تعطي هؤلاء أملاً في حياة متجددة ، محور الشهداء (نتساريم ) هو عنوان كسر إرادة المحتل الذي لا يتعلم من دروس الماضي القريب وسينكسر حتما ويقينا وقريبا جداً على عتباته وحينها سيتيقن أكثر أن عناد الشعوب المؤمنة بحقها والعاملة على استعادته هو ضرب من الخيال ،، هيا إلى العمل فلا وقت لنضيعه ،،
#درب_الأباة