حكواتي الإسلام
1 | معركة بلاط الشهداء (رمضان 114هـ)
الهزيمة التي انتهى فيها الفتح الإسلامي لأوروبا، واستشهاد ما شاء الله من المسلمين.
قبل المعركة، وسلسلة الفتوحات التي حققها جيش المسلمين في رحلته إلى أرض المعركة:
كانت معركة بلاط الشهداء إحدى مجموعة معارك خاضها جيش المسلمين سلاسل من الانتصارات في جنوب بلاد الغال (بلاد تضم كل من فرنسا وإيطاليا وسويسرا ولوكسمبورغ وألمانيا وهولندا وبلجيكا) بقيادة والي الأندلس عبد الرحمن الغافقي، جمع والي الأندلس جيشًا هو الأكبر في تاريخ الأندلس (قيل 50 ألف مجاهد) وانطلق به لفتح وسط أوروبا تنفيذًا لوصية عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبدأ بتقوية الأقاليم الحدودية للأندلس مع بلاد الغال وتحصينها والقضاء على الثوار فيها، ثم انطلق بجحفله للجهاد، ففتح آرل (مدينة بجنوب فرنسا)، ثم توغل بجيشه في مقاطعة أقطانيا (إقليم جنوب فرنسا)، وقد واجه جيشًا هناك قوامه 10 آلاف مقاتل بقيادة دوق المقاطعة أودو، فقاتلهم في معركة نهر الجارون فانتصر عليهم، وهرب أودو بما تبقى من جيشه حاملًا معه خسائر كبيرة، وعندما رأى أودو قوة جيش المسلمين وثباتهم أيقن أنه لا سبيل للفوز بقتالهم، فعمد إلى التفكيك ونشر الفتن في الأندلس، فتح عبد الرحمان الغافقي إقليم أقطانيا بالكامل بما في ذلك عاصمتها بنفس الجيش، ثم توجه إلى بِتارش (مدينة مركزية غرب فرنسا، وتُعرَف الآن بـبواتييه)، ففتحها وضمها، ثم إلى إقليم لوار ففتح طُرش (عاصمة الإقليم)، توقف تقدم الوالي عبد الرحمن الغافقي عند مدينة طرش، فقد استنزف جيشه بعد سلسة المعارك والتوغل السريع والعميق في بلاد الغال، وكان معهم نساء المجاهدين لنيته توطينهم في المدن المفتوحة حديثًا.
في خضم ذلك، كان أودو - دوق مقاطعة أقطانيا المهزوم - قد اتجه إلى منافسه شارل مارتل - حاكم بلاد الفرنجة شمال فرنسا - وطلب منه المساعدة لاستعادة أقطانيا، فقبل مساعدته على أن تكون أقطانيا تابعة لمملكة الفرنجة، فوافق أودو على ذلك.
المعركة:
وبذلك اتجه شارل مارتل إلى مدينة طرش بجيش من المرتزقة والمقاتلين يفوق جيش المسلمين عشر مرات، والمسلمون على بعد ألف كيلو مترٍ من أرضهم، لذا كان من المستحيل وصول الإمدادات إليهم في الوقت المناسب، وقبل وصول جيش الفرنجة أرسل شارل طلائع إلى الضفة الغربية لنهر اللوار قرب مدينة بطرش، فوصل نبأهم إلى عبد الرحمن، فأرسل طلائعه فقيل له أنهم قليلون وتسهل هزيمتهم، فانطلق بجيشه وراءهم، وحين وصوله فوجئ بالجيش الجرار الذي كان ينتظره وراء النهر، فتراجع إلى سهل بين بطرش وبِتارش، وأقام معسكره هناك، فتوجه جيش شارل إلى مواجهة قوات المسلمين وتمركز مقابلهم استعدادًا للمعركة، وبدأت بعد ذلك مناوشات وقتالات دامت 9 أيام منها ما هو من أيام رمضان، وكان غالب الانتصار فيها للمسلمين، حتى دارت المعركة الكبرى في اليوم العاشر، وكان الانتصار فيها واضحًا للمسلمين، وبدأت روح الانتصار تدب فيهم، حتى قامت فرقة من فرسان شارل بمهاجمة معسكر المسلمين، وكان يحتوي على نساء وأطفال، فعاد المسلمون لنجدة أهاليهم، واضطرب الجيش وتفكك، وقيل أن فرسان شارل هاجموا جيش المسلمين من الخلف باستغلالهم ثغرة فيه ولم يهاجموا المعسكر والله أعلم، وبدأ عبد الرحمن في إعادة تنظيمهم وتحفيزهم، لكن محاولاته لم تفلح، فقاتل حتى استشهد في المعركة وانسحب ما تبقى من جيشه إلى معسكراتهم.
في اليوم التالي لم يخرج المسلمون من معسكرهم لقتال الفرنجة، فظنوا أنها مكيدة، فأرسلوا فرق استطلاع ليجدوا المعسكرات فارغة، فقد قرر المسلمون الانسحاب بعد موت قائدهم.
لم يتوقف غزو المسلمين بعد ذلك، فعمل الوالي الجديد على إعادة بعض المدن التي حاولت الاستقلال غرب إيطاليا ونجح في ذلك، لكن توقف التوغل وفتح الأراضي الجديدة منذ تلك المعركة.
معركة بلاط الشهداء معركة مفصلية في التاريخ الإسلامي والأوروبي، وعلى الجميع أخذ العلم والعبر منها.